تاريخ الإفادة: 1/6/2025
ميساء رجب عبد شملخ والمشهورة جرادة، 41 عاماً، متزوجة، سكان تل الهوا مقابل مدرسة الراهبات، نازحة حالياً في مخيم مصعب بن عمير
كنت أعيش مع زوجي وأولادنا الأربعة في شقة مستأجرة في حي تل الهوا غرب مدينة غزة، مقابل مدرسة الراهبات الوردية. أسرتي تتكون من ستة أفراد: زوجي عماد محمد صلاح جرادة، 51 عامًا، وأبناؤنا محمد، 22 عامًا، شيماء، 20 عامًا، مجد، 18 عامًا، وأحمد، 15 عامًا.
في صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023، استيقظنا لصلاة الفجر كالمعتاد، صلينا معًا، ثم أيقظنا الأبناء ليستعدوا للذهاب إلى المدرسة. كان زوجي يستعد للذهاب إلى عمله كخياط، لكن فجأة سمعنا أصوات انفجارات قوية تهز المكان. شعرنا بالخوف والقلق، وقررت عدم إرسال أولادي إلى المدرسة خشية تعرضهم لأي خطر. لاحقًا، تواصل محل عمل زوجي معه ليبلغوه بتعليق الدوام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
في ذلك اليوم، كنا نعيش حالة من الرعب والقلق، لا ندري ما الذي يحدث أو ما الذي ينتظرنا. كان من المفترض أن ننتقل في هذا اليوم إلى شقة جديدة بالإيجار في عمارة أخرى قريبة، لكن عامل النقليات الذي كان سيقوم بالنقل اعتذر بسبب التصعيد. فاضطررنا لتأجيل الانتقال.
في اليوم التالي، 8 أكتوبر 2023، ذهبنا إلى الشقة الجديدة التي كنا ننوي الانتقال إليها، وقبل أذان المغرب بساعة، وبينما كنا داخلها، سمعنا صوت انفجار هائل قريب جدًا. وبعد دقائق، بدأنا نسمع عبر الأخبار أن عمارة “المجد” قد استُهدفت بالقصف، وفوجئنا بأن العمارة التي كنا نقيم فيها قد دُمرت بالكامل بفعل غارة جوية إسرائيلية. لم نكن نصدق أن كل شيء قد انتهى هكذا فجأة – كل أثاثنا، مقتنياتنا، أوراقنا الثبوتية والرسمية، وذكريات 23 عامًا من حياتنا، كلها طُمست في لحظة واحدة. كانت تلك ثاني عمارة تُقصف في قطاع غزة مع بداية الحرب.
بقينا لمدة أسبوعين في الشقة الجديدة، التي كنا قد استأجرناها ولم يسعفنا الوقت للفرح بها أو الاستقرار فيها، إذ لم يكن بحوزتنا شيء سوى ملابسنا التي كنا نرتديها.
بعد مرور أسبوع على وجودنا في الشقة الجديدة، وصلت إلينا أوامر من الجيش الإسرائيلي تطالب بإخلاء المنطقة بشكل فوري. لم يكن أمامنا أي خيار سوى التوجه إلى مستشفى القدس في حي تل الهوى بمدينة غزة، كملاذ مؤقت، رغم أنه ليس مكانًا مخصصًا للإيواء. اضطررنا للذهاب إليه بحثًا عن الأمان.
مكثنا في المستشفى لمدة 35 يومًا، كانت خلالها الحياة قاسية للغاية. لم تتوفر المياه بشكل كافٍ، ولا الطعام، ولم نكن نملك أي شيء معنا – لا ملابس، ولا نقود، ولا حتى أبسط الحاجيات، بعدما خسرنا كل ما نملك نتيجة قصف العمارة التي كنا نسكن فيها. زوجي، الذي يعمل خياطًا، لا يتلقى راتبًا شهريًا منتظمًا لأنه ليس موظفًا رسميًا، ما زاد من صعوبة الوضع علينا.
في نهاية شهر نوفمبر 2023، وقبل غروب الشمس بساعة، تمركزت مجموعة من الدبابات الإسرائيلية أمام مستشفى القدس، وبدأت بإطلاق القذائف والرصاص. سُمعت أصوات إطلاق نار من طائرات الكواد كابتر، إلى جانب غارات جوية إسرائيلية عنيفة استهدفت المباني المحيطة في حي تل الهوى، والمواطنين في المنطقة. كما تواجد قناصون إسرائيليون، وتم قنص شاب من عائلة شملخ أثناء جلوسه على درج المستشفى، إضافة إلى استهداف مجموعة من الشباب عند بوابة المستشفى. عشنا لحظات من الرعب والهلع الشديد وسط أصوات الانفجارات والقصف المتواصل، وكانت النيران تنهمر من كل اتجاه.
أُصيب عدد كبير من المواطنين داخل المستشفى، وسقط العديد من الشهداء من بين النازحين، كثير منهم استُشهدوا في ساحة المستشفى ذاتها، التي تحولت إلى ساحة للموت.
وفي صباح اليوم التالي، وجه الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت نداءً عاجلاً يطالب فيه بإخلاء المستشفى فورًا والتوجه إلى جنوب قطاع غزة. جرى تجهيز ممرات يُفترض أنها “آمنة” للخروج، لكننا اضطررنا للسير فيها تحت وابل من النيران، بينما الطائرات الحربية والكواد كابتر تحوم فوق رؤوسنا، ترصد وتراقب تحركاتنا. الزنانة كانت تحلق فوقنا طوال الوقت.
كانت لحظات الخروج من المستشفى بمثابة مشهد من أهوال يوم القيامة. الناس يصرخون ويبكون، أطفالهم بأحضانهم، وكبار السن يواجهون صعوبة شديدة في المشي. كنا نظن أننا لن ننجو، ولا نزال حتى اليوم غير مصدقين أننا خرجنا من هناك أحياء.
بعد أن غادرنا مستشفى القدس تحت القصف، توجهنا إلى حي الشجاعية لنلجأ إلى منزل عم زوجي. مكثنا هناك لمدة أسبوع، لكن القصف الإسرائيلي المتواصل بالطيران الحربي جعل الحياة هناك مستحيلة. كنا نتنقل من مكان إلى آخر وسط النزوح والخوف، في ظل استهداف المدنيين والمباني بلا توقف. ومع ازدياد خطورة الوضع، وعدم وجود أي إحساس بالأمان، اتخذنا قرار النزوح إلى جنوب قطاع غزة، رغم عدم امتلاكنا أي مال لتغطية أجرة النقل.
لم يكن أمامنا خيار سوى الاستدانة كي نتمكن من مغادرة غزة إلى الجنوب. كان ذلك في نوفمبر 2023، في اليوم الثاني من بدء الهدنة. وصلنا إلى جامعة الأقصى في خانيونس، حيث أمضينا هناك شهرين في ظروف معيشية قاسية لا تُحتمل. كنا نأكل وجبة واحدة فقط في اليوم، غالبًا من الأرز أو المعكرونة، ونعاني من الجوع معظم الوقت. لم تكن هناك مياه صالحة للشرب، وكان المكان مكتظًا بالنازحين، بلا أي خصوصية أو مقومات للحياة.
في إحدى الليالي، أخبرني ابني أحمد، البالغ من العمر 15 عامًا، قائلاً: “ماما، نفسي آكل منقوشة زعتر.” كنت أحاول مواساته، أقول له: “معلش يا ماما، العوض بربنا، يمكن حدا يجيب لنا إياها.” لكن الحقيقة أنني كنت أعاني داخليًا من شعور بالعجز والحزن العميق على أطفالي الذين جاعوا وعاشوا بلا أدنى مقومات للكرامة. لم نستطع توفير الخبز، ولا حتى الطحين، وكنت أعيش كل لحظة بألم لا يوصف وأنا أرى أطفالي في هذا الحال.
وفي 22 يناير 2024، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس. شاهدنا الدبابات تقترب من بوابة جامعة الأقصى، وبدأ الناس بمغادرة المكان على الفور. اضطررنا للمغادرة سريعًا وقت الغروب، ولم نتمكن من أخذ خيمتنا أو أي من متعلقاتنا. كنا نقيم داخل أحد الممرات في الجامعة، وقد استخدمنا قطعة قماش (شادر) كستارة بسيطة تفصلنا عن باقي الممر. كنا قريبين من الحمامات، وكانت الروائح الكريهة لا تُحتمل. لم تكن هناك أي خصوصية، خاصة لي ولبنتي؛ وعندما نضطر للذهاب إلى الحمام، كان زوجي يرافقنا ويقف عند الباب ليمنع أحدًا من الاقتراب حفاظًا على كرامتنا.
في مساء 22 يناير 2024، غادرنا جامعة الأقصى بعد اقتراب الدبابات الإسرائيلية، وتوجهنا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح. عند وصولنا، كان المكان مزدحمًا بشكل لا يوصف، ولم نجد مكانًا نجلس فيه. وسط هذا الازدحام والفوضى، قابلنا شابًا في العشرينيات من عمره يقيم في خيمة صغيرة، شعر بالشفقة علينا حين رآنا مرهقين من التنقل والقلق والتعب، فعرض علينا أن نبيت لليلة واحدة في خيمته. كنا في حيرة شديدة، منهكين نفسيًا وجسديًا من التنقل المتكرر دون أن نجد أي بقعة آمنة، ولم يكن أمامنا إلا القبول.
في صباح اليوم التالي، خرج زوجي لتأمين بعض المستلزمات الضرورية ونصب خيمتنا الخاصة، وبدأنا نحاول التأقلم مع الوضع الجديد، رغم قسوته. الحياة في محيط المستشفى كانت شديدة الصعوبة، ولكن لم يكن لدينا خيار آخر. وبسبب ضيق المكان، لم يتمكن زوجي من النوم معنا في الخيمة، فكان يبيت في مسجد مستشفى شهداء الأقصى. في تلك الفترة، كنا نعيش على المساعدات الإنسانية من “التكيات”، وغالبًا ما نكتفي بسندويشة فلافل واحدة لي ولابنتي خلال اليوم. وعندما نحصل على معلبات من توزيع الإغاثة، كنت أعد منها وجبات بسيطة لزوجي وأولادي. ورغم بساطة الطعام، كان كل شيء صعبًا ومرهقًا: الطهي على الحطب بسبب غياب الغاز، غسيل الملابس يدويًا، الوقوف في طوابير طويلة لاستخدام الحمام – كنا ننتظر دورنا نصف ساعة، وأحيانًا أكثر، فقط لنتمكن من قضاء الحاجة. تحملت مسؤوليات لم أختبرها من قبل، وكانت الأعباء كلها فوق كتفي، في ظل انعدام أي دخل بعد أن فقد زوجي عمله. كل ذلك فاقم من الضغط النفسي والإرهاق الجسدي، خاصة الوقوف لساعات أمام نار الطهي والدخان الذي يؤذينا، وكل ذلك كان نتيجة مباشرة للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه الوحشي على غزة، الذي هجّرنا من بيوتنا وأرضنا وفرض علينا التجويع والحرمان ضمن حرب إبادة مستمرة لا تتوقف.
توالت الأيام على هذا الحال، وسط الألم والخوف والشتات، إلى أن جاء الأمر المفاجئ بإخلاء المستشفى. ورغم قسوة كل ما مررنا به، يبقى ذلك اليوم هو الأصعب في ذاكرتي. حين صدر البلاغ بإخلاء المستشفى بشكل عاجل، بدأ الجميع بالخروج فورًا، ولم يبقَ سوانا أنا وأولادي في المكان. كان زوجي، نائمًا في المسجد المجاور، بعيدًا عنّا في تلك اللحظة. شعرت بصدمة عصبية شلت تفكيري وحركتي، وكأن الزمن توقف. اتصلت به فورًا، فقال لي: “اخرجي بسرعة.” لكنني لم أستطع. لم أستوعب أن أغادر بدونه. لم يكن في قلبي أو عقلي سوى فكرة واحدة: “إما أن نخرج معًا، أو لا أخرج أبدًا.”
وفي فجر يوم الإثنين، 14 أكتوبر 2024، حوالي الساعة 2:15 صباحًا، كنت مستيقظة داخل خيمتنا، عاجزة عن النوم من شدة صوت الطيران الحربي الإسرائيلي. كنت أشارك ابنتي نفس الفرشة، حين دوى انفجار مرعب – صاروخ حربي إسرائيلي سقط مباشرة علينا دون أي تحذير.
في لحظة، شعرت أن يدي اليسرى قد ارتخت تمامًا، وكانت ملابسي مبللة بالدماء. الشظايا اخترقت يدي وخرجت منها، لتستقر في ساق ابنتي اليسرى، مسببة لها جرحًا عميقًا تطلّب 60 غرزة وتركيب بلاتين. كنا جميعًا في الخيمة، ولم أجرؤ على إخبار زوجي أو أولادي بإصابتي حتى تأكدت أنهم جميعًا ما زالوا أحياء.
خرجت من الخيمة في حالة من الصدمة، متجهة إلى قسم الطوارئ في المستشفى، وكان ابني محمد يسير خلفي، مصابًا في رأسه، وقد احتاج إلى ثماني غرز لإغلاق الجرح. حاول أن يمسك بيدي المصابة ليسندني، فقلت له بصوت مرتجف: “يا ماما، لا تمسكها، إيدي فيها بتر.” بالفعل كانت يدي شبه مبتورة، والشظايا مزقتها تمامًا. في تلك الفترة، كانت ابنتي طالبة في الجامعة، تدرس التسويق الإلكتروني، لكنها اضطرت لترك دراستها بسبب الإصابة التي لحقت بها إثر القصف. حياتها الأكاديمية توقفت فجأة كما توقفت أحلامها، لا لذنب ارتكبته، بل فقط لأنها كانت نازحة تحتمي بخيمة في ساحة مستشفى.
ما زاد من هول المأساة، أن هذا القصف الإسرائيلي الجوي وقع دون أي إنذار مسبق. خلال لحظات فقط، سقط صاروخان حربيان على تجمع الخيام، وكل خيمة كانت تحتوي على جرار غاز للطهي، ما تسبب في انفجارات متتالية واندلاع حرائق هائلة. الشوادر اشتعلت، والخيام احترقت بالكامل، وتحول المكان إلى كتلة من النيران. في هذا القصف العنيف، استُشهد ثمانية مواطنين نازحين كانوا يحتمون في ساحة المستشفى، وأُصيب ما يقارب 50 آخرين بجراح متفاوتة. كانت أصوات الصراخ والنيران تملأ المكان، في مشهد لا يمكن وصفه، ولا يُمحى من الذاكرة. لم تكن هناك منطقة آمنة، ولا حتى مستشفى يفترض أن يكون ملاذًا للناجين من ويلات الحرب.
عند وصولي لقسم الطوارئ، تم إسعافي على الفور، ونُقلت أنا وابنتي إلى المستشفى الأمريكي غرب الزوايدة، على شاطئ البحر. هناك وضعوا لي جبيرة على يدي، ولابنتي على قدمها المصابة. في صباح اليوم التالي، تم التنسيق لتحويلنا إلى المستشفى الأوروبي في الجنوب، بين رفح وخان يونس. بعد خمسة أيام، خرجت من المستشفى بعد أن أُجريت لابنتي عملية جراحية لتركيب بلاتين في ساقها اليسرى. على الرغم من إصابتي قمت برعايتها وانا اصرخ وابكي من شدة الألم، غادرنا معًا وعُدنا إلى مستشفى شهداء الأقصى، ولكن لم يكن هناك أي مكان آمن يمكننا البقاء فيه.
فيما بعد، تم إنشاء مخيم طارئ في منطقة “التعابين” في الزوايدة، مخصص فقط للعائلات التي تضررت نتيجة قصف مستشفى شهداء الأقصى. هناك، بدأنا مرحلة جديدة من النزوح والمعاناة، بعد إصابة جسدية ونفسية تركت أثرًا لا يُنسى فينا جميعًا. بعد أيام من الإصابة، وبسبب شدة الألم وعدم قدرتي على التحمل، أرجعني زوجي إلى المستشفى الأوروبي بعدما سمع بوجود وفد طبي أجنبي هناك، على أمل أن أجد تقييمًا دقيقًا أو فرصة علاج أفضل، لكن الواقع كان صعبًا والإمكانات محدودة.
قام الأطباء بالكشف على يدي، وأبلغوني أن وضع الجبس كان خطأً طبيًا، حيث تسبب في زيادة التفتت بالعظم. تم رفع الجبس، وأُجريت لي عملية جراحية جرى خلالها تثبيت بلاتين يمتد من الكتف الأيسر حتى الكوع، واحتجت لـ 32 غرزة. لكن الضرر لم يتوقف عند ذلك، فقد أُبلغت أن الأعصاب الواقعة من الكوع حتى أطراف الأصابع متضررة بالكامل، مع وجود قطع في العصب الزندي والعصب الكعبري، ما جعل يدي بلا حركة تمامًا.
أخبرني الأطباء، ومنهم الدكتور باسم سلتوت والدكتور العراقي محمد الطاهر، بأنني بحاجة إلى “استكشاف أعصاب” لتقييم حجم الضرر. بعد 14 يومًا من العملية، تصاعد الألم بشكل كبير حتى صرت أصرخ من شدته، ولم أكن قادرة على النوم. اصطحبني زوجي إلى الدكتور العراقي محمد طاهر الذي كان يعمل في الطابق الرابع بقسم الولادة في المستشفى الأوروبي، فصرف لي علاجًا مسكنًا باسم “جببتين” عيار 300، حذرني من الاعتياد عليه لأنه قد يؤدي إلى الإدمان، لكن لم يكن لدي بديل. جميع الأدوية والتحاليل كنا نؤمّنها على نفقتنا الخاصة، في وقت نعيش فيه ظروفًا اقتصادية صعبة جدًا. قال لي الطبيب بوضوح: “نجاح عمليتك يتراوح بين 60% و70% فقط، وعودتك لاستخدام يدك بشكل طبيعي تحتاج إلى تحويلة علاجية للخارج، لأن الإمكانيات الطبية هنا غير كافية”. منذ الإصابة وحتى اليوم، مرت سبعة أشهر، وما زالت يدي تعاني من تيبّس دائم، لا أستطيع فردها، وتأتيني نوبات مفاجئة من الكهرباء المؤلمة فيها.
أعيش اليوم بيد واحدة، أقوم بكل أعمالي اليومية وحدي. عند الفجر، أُوقظ ابنتي المصابة لتساعدني على الوضوء، وهي أيضًا ما زالت بحاجة لرعاية. تقوم بتسريح شعري، وتساعدني في أدق التفاصيل. أصبحت أشعر بأنني مقيدة، عاجزة حتى عن لبس ملابسي أو إعداد الطعام لعائلتي بشكل طبيعي. حين طبخت لهم أول مرة بيد واحدة، شعرت بالعجز، لكن ابني محمد أكل من الطعام وقال لي إنه لذيذ، رغم كل شيء.
الإصابة لم تؤثر عليّ فقط جسديًا، بل سببت لي صدمة نفسية شديدة. كنت السند لعائلتي، والآن أشعر أنني فقدت نفسي. أُعاني من نوبات ألم مزمنة، ولم أتلقَ أي نوع من الدعم، لا النفسي ولا الاجتماعي ولا المادي.
إضافة إلى إصابتي، أُعاني من أمراض مزمنة مثل السكري، والضغط، وأنيميا حادة. تأخري في العلاج يُهدد يدي بالعجز الكامل، بل وربما بالبتر. أريد فقط أن أستعيد القدرة على استخدام يدي، أن أعيش بكرامة، وأستعيد قدرتي على خدمة نفسي وأسرتي. التأخير يعني حرماني من أدنى حقوقي الإنسانية.