يونيو 1, 2025
مع تكرار جرائم القتل قرب نقاط التوزيع: هدف إسرائيل من وراء آلية المساعدات زيادة جرعة الذل والإهانة لشعبنا ضمن الإبادة الجماعية
مشاركة
مع تكرار جرائم القتل قرب نقاط التوزيع: هدف إسرائيل من وراء آلية المساعدات زيادة جرعة الذل والإهانة لشعبنا ضمن الإبادة الجماعية

يعبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن إدانته الشديدة لجريمة القتل الجماعي التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركزي توزيع مساعدات جنوب ووسط القطاع، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المجوّعين الفلسطينيين الذين تجمعوا بحثاً عن مساعدات، ليجدوا أنفسهم عرضة لإطلاق نار مباشر وقاتل.

وتأتي هذه الجريمة البشعة في سياق جرائم متواصلة تستهدف الفلسطينيين خلال محاولتهم الوصول إلى المساعدات، وهي جريمة شنيعة لا يمكن النظر إليها على أنها حادثة معزولة أو خطأ في التقدير، بل هي جزء من سياسة إسرائيلية منظمة ومنهجية تسعى من خلالها قوات الاحتلال إلى تجويع السكان المدنيين ثم إذلالهم وقتلهم وهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة.

ووفق المعلومات التي توفرت لباحثي المركز، فعند حوالي الساعة 04:15 من اليوم الأحد الموافق 1 يونيو 2025، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عبر طائرات كواد كابتر والآليات العسكرية الثقيلة، الأعيرة النارية تجاه آلاف النازحين قرب ميدان العلم في حي المواصي، غرب مدينة رفح، أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع المساعدات التي أقامتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بدءًا من يوم الثلاثاء الماضي، بجوار مستشفى حمد بن خليفة (قيد الإنشاء) في حي تل السلطان، جنوب غرب مدينة رفح. أسفر إطلاق النار عن مقتل 21 مواطنًا، بينهم امرأة، وإصابة حوالي 150 آخرين بجراح مختلفة، بينهم حالات خطيرة.

وبخلاف محاولة الاحتلال التهرب من مسؤوليته عن الجريمة، بادعاء الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أنه “لا توجد معلومات عن وقوع إصابات بسبب إطلاق نار من الجيش، وأن الموضوع لا يزال قيد الفحص،”1 أكد شهود عيان أن قوات الاحتلال أطلقت النار عبر طائرات كواد كابتر وآليات العسكرية بشكل عشوائي ومباشر تجاه آلاف النازحين دون أي مبرر.

وفي إفادته لطاقم المركز، ذكر الصحفي محمد غازي كامل الغريب، 43 عاما، مراسل قناة الكوفية الفضائية ما يلي:

“عند حوالي الساعة 12:00 منتصف الليل، بدأ آلاف النازحين في الوصول إلى مواصي رفح عبر شارع الرشيد الساحلي والتجمع بين مطعم فش فرش ومسجد معاوية وحلقت فوقهم طائرة كواد كابتر إسرائيلية، وأخبرتهم أن مركز توزيع المساعدات مغلق الآن وسيفتح بعد عدة ساعات. وفي حوالي الساعة 03:00 فجرا بدأ آلاف النازحين السير عبر شارع الرشيد الساحلي إلى ميدان العلم في مواصي رفح بهدف الوصول إلى شارع أبو بكر الصديق المؤدي إلي حي تل السلطان، الذي يقع فيه مركز توزيع المساعدات الذي أقامه الجيش الإسرائيلي، وعند وصول أعداد كبيرة من النازحين في حوالي الساعة 04:15 فجراً، إلى ميدان العلم بدأت طائرات كواد كابتر تطلق النار تجاههم، ثم أطلقت النار من آليات الجيش تجاه النازحين وهو ما تسبب في مقتل العديد من النازحين وإصابة آخرين بجراح خطيرة. عند حوالي الساعة 04:40 شاهدت وصول أعداد من الشهداء، حوالي 20 شهيدًا، وعشرات المصابين إلى مستشفى الصليب الأحمر الدولي الميداني في مواصي رفح عبر عربات تجرها الحيوانات وغالبيتهم كانت الدماء تنزف من رؤوسهم.”

وفي جريمة مماثلة، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مواطنًا وأصابت 18 آخرين، بينهم 3 أطفال، بعدما استهدفت مواطنين خلال محاولتهم الوصول إلى نقطة التوزيع بالقرب من حاجز نتساريم شمال المحافظة الوسطى.

ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فعند حوالي الساعة 06:00 صباح اليوم الأحد، بدأ آلاف المواطنين المجوعين بالتجمهر حول نقطة توزيع المساعدات بالقرب من حاجز نتساريم التي حددها جيش الاحتلال لتسليم المساعدات لهم، حيث كان هناك عدد كبير من المواطنين والأطفال والنساء. وبعد حوالي ساعة بدأت قوات الاحتلال، عبر طائرات كواد كابتر، تطلق النار بكثافة تجاه المواطنين المتجمعين، بالإضافة لإطلاق قنابل دخانية وقذائف مدفعية. أسفر إطلاق النار عن مقتل مواطن وإصابة 18 آخرين، منهم 3 أطفال، نقلوا حملا على الأكتاف من المواطنين لمسافة تصل إلى 2 كيلومتر، لأن قوات الاحتلال لا تسمح بدخول عربات للمكان القريب من المساعدات وهو جسر وادي غزة.

ويوم أمس السبت، وخلال المدة من الساعة 03:00 وحتى الساعة 06:00 صباحاً، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيران أسلحتها الرشاشة تجاه أعداد غفيرة من النازحين قرب ميدان العلم في حي المواصي، غرب مدينة رفح أثناء توجههم إلى نقطة توزيع مساعدات أقامتها قوات الاحتلال في حي تل السلطان، جنوب غرب مدينة رفح، ما أدى إلى مقتل 6 من النازحين، أحدهم طفل، وإصابة 40 آخرين بجراح متفاوتة.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي، فإن 49 مواطنًا قتلوا و305 أصيبوا، في إطلاق نار من قوات الاحتلال قرب نقاط توزيع المساعدات” في منطقتي رفح وجسر وادي غزة، منذ بدء العمل بها بتاريخ 27 مايو 2025. 2

تفيد المعلومات التي حصل عليها طاقم المركز بأنّ آلاف المواطنين يتجمعون يوميًا قرب نقاط التوزيع التي أقامها الاحتلال وتديرها “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي أنشأها الاحتلال ذاته وتشرف على حمايتها شركة أمنية أميركية خاصة. ورغم ضخامة أعداد المتجمهرين، فإن الكميات المتوفرة من الطرود الإغاثية في هذه النقاط غالبًا ما تكون محدودة، ولا تكفي سوى لعشرات أو مئات الأشخاص فقط. ويجري التوزيع دون اعتماد قوائم محددة للمستفيدين أو اتباع آلية منظمة، ما يجعل العملية تتسم بالعشوائية والفوضى، ويضاعف من معاناة المحتشدين الذين قد يصل عددهم إلى عدة آلاف، سرعان ما يجدوا أنفسهم عرضة لإطلاق النار من القوات الإسرائيلية المتواجدة في المنطقة.

تدلل هذه المعطيات بوضوح على عدم فعالية الآلية التي يعتمدها الاحتلال في توزيع المساعدات الإنسانية، إذ تستمر القوات الإسرائيلية في تنفيذها رغم ما تسببت به من فوضى وإيقاع قتلى وجرحى يوميًا منذ انطلاقها. ويؤكد ذلك فشل هذه الآلية في توفير الإغاثة الفعلية للمحاصرين والجوعى في قطاع غزة، بل وتحولها إلى ساحة للإذلال وانتهاك الكرامة الإنسانية، في سياق سياسة تجويع ممنهجة وغير مسبوقة تنفذها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين منذ عدة أشهر.

ويشدد على أن النظام الحالي لتوزيع المساعدات لا يرقى إلى أدنى معايير الإنسانية، فهو يفتقر لأي آلية فعالة ومنظمة، ويتم من خلاله إدخال كميات شحيحة من المواد الغذائية إلى مناطق خطرة تخضع لسيطرة نارية إسرائيلية، ثم يُدعى آلاف الجوعى للوصول إليها في ظروف شديدة الخطورة، حيث يكون المدني أمام ثلاثة خيارات: أن يُقتل برصاص القناصة أو تحت القصف، أن يعود خائباً دون طعام، أو أن يخوض صراعاً مذلاً مع عشرات المجوعين الآخرين للحصول على طرد غذائي لا يكفي ليوم واحد.

يؤكد المركز أن استمرار آلية توزيع المساعدات بهذه الطريقة المهينة والقاتلة، رغم تكرار المجازر، يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن نية الاحتلال ليست تقديم مساعدات إنسانية، بل استخدامها كوسيلة للإبادة البطيئة والإذلال الجماعي.

ويشدد على أن آلية الاحتلال لا تقدم حلًا ناجعًا للمجاعة التي تفتك بشدة بسكان القطاع، بل تمنح الاحتلال شرعية زائفة لترسيخ سياسة التجويع الإجرامية كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والاستمرار في توظيف ملف الإغاثة والمساعدات لابتزاز السكان والسيطرة على حياتهم اليومية وعلى مقومات بقائهم.

وبناء على ذلك، يجدد المركز مطالبته المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لإلغاء هذه الآلية التي يطلب فيها من المواطنين الانتقال لمناطق خطيرة تحت سيطرة الاحتلال، والعودة لإدخال المساعدات وتمكين المنظمات الدولية من توزيع المساعدات وسط مناطق النزوح المختلفة، إلى جانب إدخال البضائع بشكل حر دون أي قيود.

وإذ يدين المركز إطلاق النار تجاه المدنيين، فإنه يدعو المجتمع الدولي، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية على الفور، والتدخل العاجل والضغط على الاحتلال، من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود وبشكل فوري وواسع النطاق، وتحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، بعيدًا عن أي تدخل عسكري أو سياسي من أي أطراف أخرى.


  1. الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الحساب الرسمي على اكس، 1 يونيو 2025. الرابط:
    https://x.com/AvichayAdraee/status/1929084218874712199 ↩︎
  2. المكتب الإعلامي الحكومي، الحساب الرسمي على تلجرام، 1 يونيو 2025. الرابط: https://t.me/mediagovps/3674 ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *