كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري عبر الجو والبر على قطاع غزة، مستهدفة المدنيين العزل في مراكز الإيواء المؤقتة والمنازل والخيام، ووسعت هجومها البري، في تصعيد خطير لجريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مع استمرار الصمت والعجز الدولي عن إيقاف المذبحة المستمرة منذ 18 شهرًا.
ووفقًا لتوثيقات باحثينا، شنت قوات الاحتلال في الساعات الماضية عشرات الغارات والأحزمة النارية، وفجرت روبوتاً مفخخاً، وقصفت الأحياء السكنية والمباني التي تأوي نازحين فارين من جحيم القصف، ما أسفر عن وقوع مئات القتلى والجرحى.
يأتي ذلك في وقت تتفشى فيه المجاعة مع توقف عمل المخابز ونفاد غالبية البضائع والمواد التموينية، ونفاد الكثير من الأدوية والمستهلكات الطبية، ما يفاقم الكارثة الإنسانية غير مسبوقة التي تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، يجدون أنفسهم أمام خيارات مروعة بين الموت تحت القصف أو الهلاك جوعًا وحرمانًا من العلاج.
وضمن ما تمكن باحثونا من رصده وتوثيقه، فقد هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 01:40 فجر الجمعة 4/4/2025، منزلا من 3 طوابق لعائلة العقاد، في حي المنارة جنوب شرقي خان يونس. أسفر القصف عن مقتل 24 مواطناً، منهم 7 اطفال و9 نساء، وإصابة وفقدان آخرين تحت أنقاض المنزل المدمر.
وفي وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، وسعت قوات الاحتلال هجومها البري في حي الشجاعية، شرق قطاع غزة، وسط قصف جوي ومدفعي عنيف. وادعى الاحتلال أن ذلك بهدف تعميق السيطرة في المنطقة وتوسيع منطقة التأمين الدفاعية.1
وفجر يوم أمس الخميس، الموافق 3/4/2025، فجرت فيه قوات الاحتلال روبوتاً مفخخاً بالمتفجرات قرب مربع سكني، وشنت عدة غارات متتالية على عدة منازل مأهولة في شارع المنصورة بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، يعود أغلبها لعائلات: أبو هين، وجندية، والسرساوي. أسفر ذلك عن مقتل 31 مواطنًا، بينهم 15 طفلاً و5 نساء، وإصابة عشرات المواطنين بجراح. كما أصدرت قوات الاحتلال صباحا أوامر تهجير للسكان المتواجدين في منطقة الشجاعية وأحياء الجديدة، التركمان، والزيتون الشرقي شرقي غزة،2 ما اضطر الالاف النزوح مشيًّا على الأقدام بحثا عن أماكن بديلة للإيواء غرب مدينة غزة، فيما اضطر العشرات للنزوح باتجاه وسط قطاع غزة وجنوبه عبر شارع الرشيد.
وهاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية عند حوالي الساعة 13:00 مساء اليوم نفسه (الخميس) خيمة للنازحين في المواصي غرب خان يونس، ما أدى إلى مقتل مواطن وطفليه، وطفلة أخرى، وإصابة آخرين بجروح. والقتلى هم: أحمد فتحي أبو غالي، 37 عاما، وطفلاه: براء، 14 عاما، ومحمد، 12عاما، ورغدة نصير أبو عمرة، 14 عاما.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 16:16، مدرسة ابن الأرقم التي تؤوي آلاف النازحين، في حي التفاح في مدينة غزة. أسفر القصف عن مقتل 29 مواطنًا، بينهم 18 طفلا وامرأة ومسنًا، وإصابة العشرات بجروح عدد منهم حالتهم خطيرة. وبعد أقل من ساعة شنت طائرات الاحتلال عدة غارات على حي التفاح، ما أدى إلى مقتل 3 مواطنين.
كما شنت طائرات الاحتلال عشرات الغارات التي استهدفت منازل وخيام وتجمعات وأراضٍ زراعية، ما أدى إلى عشرات القتلى والجرحى. واستمرت قوات الاحتلال في عزل رفح عن خانيونس، وتنفيذ عمليات تدمير وقضف فيها، لم تتضح نتائجها.
وتواجه طواقمنا، صعوبات ومخاطر جمة، خلال سعيها لتوثيق ما يمكن توثيقها من أفعال الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال، نتيجة القصف المكثف، وغياب أي منطقة آمنة، وعدم توفر وسائل تنقل، وصعوبات الاتصال، ومعاناة الفريق من النزوح المتكرر، كما باقي 2.3 مليون من سكان قطاع غزة.
ووفق وزارة الصحة، فقد أسفرت هجمات الاحتلال عن 86 قتيلا، و287 إصابة خلال 24 ساعة الماضية (حتى منتصف الليلة الماضية. وبذلك ترتفع الحصيلة منذ استئناف قوات الاحتلال هجومها العسكري في 18/3/2025، إلى 1,249 قتيلا، و3.022 مصاباً، في حين ترتفع الحصيلة منذ 7 أكتوبر 2023، على 50,609 قتلى، و115,063 إصابة3.
يجدد المركز تأكيده أن مواصلة الهجوم العسكري الإسرائيلي وتوسّعه المتصاعد يومًا بعد آخر، وسط صمت المجتمع الدولي وتقاعسه، يشكل وصمة عار على جبين الدول والمؤسسات التي تلتزم الصمت أو تبرر هذه الإبادة. ويعكس هذا الصمت حاجة ملحّة لتدخّل دولي عاجل يضع حدًا للجرائم والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وانطلاقًا من مسؤولياته، يدعو المركز المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.