المرجع: 149/2012
التاريخ: 10 ديسمبر 2012
التوقيت: 10:15 بتوقيت جرينتش
بتاريخ 10 ديسمبر 2012، وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف 10 ديسمبر 2012، أطلق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حملة “فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية.” وتهدف الحملة إلى تشجيع الأطراف ذات العلاقة، وهي دولة فلسطين، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسئولياتها في ضمان تحقيق العدالة والانتصاف القضائي للضحايا الفلسطينيين الذين ارتكبت بحقهم انتهاكات للقانون الدولي. بعد مرور عشر سنوات على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وهي المنبر الذي أسس من أجل وضع حد للحصانة التي يتمتع بها مرتكبو أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، يطالب المركز بتحقيق المساءلة من أجل الضحايا الفلسطينيين الذين لا حصر لهم والذين حرموا من الوصول إلى العدالة لزمن طويل.
إن من صاغوا نظام روما كانوا مدركين بأن “ثمة روابط مشتركة توحد جميع الشعوب، وأن ثقافات الشعوب تشكل معاً تراثاً مشتركاً.” والقيم التي تشكل الأساس للمحكمة هي قيم عالمية مبنية على الحقوق التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، حيث تنص المادة الثانية من الإعلان على أنه “… دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.”
وبعد مرور 64 عاماً، هنالك أناس لا حصر لهم لا يزالون يتعرضون للتمييز، وتوجد فروقات كبيرة بين الأفراد، لسبب بسيط هو الوضع السياسي للمكان الذي ولدوا فيه. وقد تعرض الشعب الفلسطيني دائماً للتمييز بسبب عدم استقلال إقليمه والقيود المفروضة على سيادته منذ إنشاء دولة إسرائيل في ذات العام.
وتتدهور أوضاع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة عاماً بعد عام، حيث يبدو الحق في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية كمثل نبيلة في مواجهة الواقع على الأرض، فالأوضاع في الضفة الغربية، خصوصاً في القدس تتدهور في ظل الاحتلال والتوسع الاستيطاني، بينما يقف العالم أجمع متفرجاً. وفي قطاع غزة، يتعرض 1,7 مليون فلسطيني لأحد أشكال العقاب الجماعي الشنيعة، يتمثل في عزله عن العالم الخارجي وحرمانه من التنمية.
ويتعرض هؤلاء الناس أنفسهم، وهم أشخاص محميون بموجب القانون الإنساني الدولي، لاعتداءات قاسية، فخلال عملية “الرصاص المصبوب،” كان السكان المدنيون في عين العاصفة حيث حرموا حتى من فرصة الهرب. وكان ما يزيد عن 80% من ضحايا تلك العملية من المدنيين. وقد جرى كل ذلك أمام أعين المجتمع الدولي. وبعد مرور أربع سنوات، لم يتم إجراء أية تحقيقات جدية فيها على المستوى الدولي.
والأدهى من ذلك أن المجتمع الدولي شاهد إسرائيل وهي تقوم مرة أخرى بشن عدوان آخر على قطاع غزة شمل هجمات عشوائية وغير متناسبة أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين، فنحو ثلثي القتلى و97% من الجرحى خلال عملية “عامود السحاب” كانوا من المدنيين. وحتى قبل أن يتم إجراء تحقيقات جدية في عملية “الرصاص المصبوب” تم شن عدوان آخر واسع النطاق أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول النزاع في غزة قد خلصت إلى أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال عملية “الرصاص المصبوب.” والأهم من ذلك أن تقرير البعثة وضع آليات للمساءلة على المستوى المحلي، وفي حال لم يتم ذلك، فعلى المستوى الدولي. وخلصت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة إلى أن: “التحقيق الرسمي يجب أن يتم من قبل هيئة مستقلة بشكل كامل، بالنظر إلى التعارض الواضح المتأصل في قيام الجيش بالتحقيق في دوره في التخطيط لعملية الرصاص المصبوب وتنفيذها.”
يرى المركز بأن المحكمة الجنائية الدولية هي الهيئة المستقلة الرئيسية القادرة على إجراء مثل هذه التحقيقات، وفي هذا السياق، أطلق المركز حملته التي تحمل اسم “فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية،” والتي تهدف إلى تشجيع الأطراف ذات العلاقة على تحمل مسئولياتها في ضمان وصول فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية. أولاً، ينبغي على دولة فلسطين أن توقع وتصادق على نظام روما الأساسي دون تأخير، وأن تودع إعلاناً لدى أمين سجل المحكمة بموجب المادتين 11(2) و12(3) من النظام الأساسي، تقبل فيه بممارسة المحكمة للولاية القضائية بدءاً من تاريخ دخول النظام حيز التنفيذ، وهو الأول من يوليو 2002.
وبعد انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي، يتعين على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البدء بإجراء تحقيقات على الفور في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في فلسطين في انتهاك للنظام الأساسي، وطلب تفويض للدائرة التمهيدية للقيام بالتحقيق وفقاً للمادة 15 من النظام الأساسي. وبعد ذلك، يتعين عليه أن يقوم بإعادة فتح الفحص الأولي، والأخذ بعين الاعتبار العناصر المناسبة من أجل فتح تحقيق في الوضع في فلسطين، مع رفع القضية أمام الدائرة التمهيدية من أجل إصدار حكم قضائي بشأنها. وأخيراً، تقع على عاتق المجتمع الدولي مسئولية دعم جهود الشعب الفلسطيني الرامية إلى تحقيق العدالة فيما يتصل بانتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وذلك باستخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية.