المرجع: 34/2017
التاريخ: 26 ابريل 2017
التوقيت: 09:30 بتوقيت جرينتش
أعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة عن وفاة الموقوف (م.ب)، 43 عاماً، من سكان خان يونس، في مركز توقيف دير البلح، وذلك صباح أمس الثلاثاء، الموافق 25 ابريل 2017. يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان النائب العام بالوقوف بنفسه على مجريات التحقيق ونشر النتائج على الملأ، حيث تشير الدلائل الأولية بأن الوفاة ليست طبيعية. كما ويطالب وزارة الداخلية والنيابة العامة واعضاء المجلس التشريعي بوقفة جادة لإصلاح السجون ومراكز التوقيف بشكل يتطابق مع المعايير الدولية ذات العلاقة.
وتعقيباً على الوفاة، ذكر خبر على الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية على لسان المتحدث باسمها، السيد اياد البزم، “… أن الموقوف ]…[ وُجد داخل غرفته جثة هامدة حينما حاول النزلاء في نفس الغرفة إيقاظه في الصباح. وبيّن أنه نقل الموقوف للمستشفى وعرضت الجثة على الطب الشرعي، حيث تبين وجود آثار حبل على العنق، وبناء على ذلك تم فتح تحقيق في الحادث لمعرفة أسباب الوفاة. وبين البزم أن المتوفى موقوف على ذمة قضية جنائية منذ تاريخ 15 فبراير 2016…”
ويرى المركز أن تصريح الداخلية جاء مقتضباً بشكل لا يتناسب مع أهمية القضية، كما أنه يحمل الكثير من التناقضات التي تطرح العديد من الأسئلة. إن وجود آثار حبل على العنق ووجود المتوفي ميتاً في مكان نومه ترجح إن الوفاة غير طبيعية وتنفي احتمالية انتحار الموقوف. كما إنه ليس من المنطقي إن تكون الجريمة سواء كانت انتحاراً أو غير ذلك أن تتم داخل غرفة الحجز، دون أن يشعر الموقوفون في نفس الغرفة بالأمر، وهو ما يتناقض منطقياً مع فكرة أن زملاءه وجدوه ميتاً عندما حاولوا ايقاظه كما تقول رواية الداخلية.
ووفق متابعة المركز، وفي اعقاب الاعلان عن وفاة النزيل، خرج في مدينة خان يونس، أمس الثلاثاء، عشرات من عائلته للشوارع للتعبير عن غضبهم من الحادثة، وقاموا بإغلاق عدد من المحالات التجارية في منطقة وسط البلد خان يونس، وتحطيم واجهات بعض المحالات وزجاج بعض السيارات. ولكن وفي اعقاب تدخل وساطات بين العائلة والداخلية، وافقت على استلام الجثة ودفنها، وانتظار نتائج التحقيق. وتشير المعلومات الواردة للمركز أن هناك تحقيقاً يجري مع الـ (6) نزلاء الذين كانوا في نفس غرفة المتوفى.
وكانت العائلة قد رفضت امس استلام جثة ابنها المتوفى، ووفقاً لإفادة، عم المتوفى، 65 عاماً، التي حصل عليها المركز بالأمس، فإن العائلة تلقت اتصالاً من قبل الشرطة تفيد بوفاة ابنهم. وأضاف عم المتوفى أن مجموعة من أفراد العائلة توجهت الى مركز تأهيل دير البلح، وأن مدير المركز أبلغهم بأنهم وجدوا آثار حبل على عنق المتوفى، وبأنه جرى تحويل جثمانه الى الطب الشرعي في غزة، وبأنهم في انتظار النتائج. وتابع عم المتوفى، بأن ابن أخيه كان محتجزاً في غرفة مخصصة لمرضى الكبد الوبائي داخل السجن، وفق ما أخبره به مدير السجن، وبأن الوفاة اكتشفت عند الساعة الثامنة صباحاً لدى إجراء العد الصباحي اليومي. وأضاف أن العائلة ترفض استلام جثمان ابنها حتى معرفة تفاصيل الوفاة واستلام نتائج تقرير الطب الشرعي، حيث يوجد الجثمان في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح.
ويرى المركز أن تضارب تصريحات مدير السجن مع تصريحات الناطق باسم الداخلية من كيفية اكتشاف الوفاة، تطرح الكثير من الاسئلة حول دقة الرواية، مما تستوجب تدخل من أعلى الجهات للوقوق على الحقائق. وما يزيد من قلق المركز حقيقة أن هذه ليست الحالة الأولى، حيث شهدت الأعوام الأخيرة وفاة عدد من المعتقلين في ظروف مشابهة، و حالات أخرى، جراء أزمات ونوبات قلبية تعرض لها السجناء داخل في مراكز اعتقال وتوقيف في أماكن متفرقة من قطاع غزة.
يؤكد المركز أن حياة الموقوفين في مراكز التوقيف والسجون مسؤولية مصلحة السجون ووزارة الداخلية، وفق قانون رقم (6) لسنة 1998 بشأن مراكز الإصلاح والتأهيل على ذلك، حيث تنص المادة (7) منه على “..يعتبر النزلاء في أي مركز من المراكز تحت الحفظ القانوني في عهدة مدير المركز..”. ولهذا يطالب المركز بأن يشمل التحقيق الاهمال المحتمل المتسبب في حدوث الوفاة أو الجريمة.
كما ويشدد المركز على مسؤولية اصحاب الولاية بالرقابة على قانونية وظروف التوقيف مثل اعضاء المجلس التشريعي والنيابة العامة والقضاة، وفق ما نصت عليه المادة (70) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، والتي تعطي الحق للنيابة العامة والقضاة بالمتابعة والتفتيش على ظروف التوقيف والتأكيد من سلامتها وقانونيتها.
وفي ضوء المعطيات السابقة، وما رصده ويرصده المركز من تجاوزات داخل مراكز التوقيف والسجون تتعلق باستخدام التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة وثق المركز العديد منها في تقارير دورية تصدر عنه، ووفاة (18) مواطناً من الموقوفين في السجون ومراكز التوقيف خلال الاعوام الماضية، فإنه يطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحري في مدى ملاءمة حالة مراكز التوقيف، خاصة التابعة للمباحث الجنائية والأمن الداخلي، للمعايير الدولية المتعارف عليها للحبس والاحتجاز، وخاصة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي وضعتها الأمم المتحدة في العام 1977.
.