المرجع: 38/2018
التاريخ: 27 مارس 2018
التوقيت: 11:44 بتوقيت جرينتش
تتفاقم أوضاع حقوق الإنسان في قطاع غزة بشكل خطير نظراً لاستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان الذين باتوا غير قادرين على توفير الاحتياجات الأساسية الضرورية للحياة الكريمة. ومع ارتفاع مستويات الفقر والبطالة والعوز بين مئات آلاف الأسر الغزية يخشى أن يحرم الآلاف من طلبة وطالبات الجامعات من حقهم في التعليم العالي، حيث يحرم المئات من طلبة جامعة الأزهر من تقديم الامتحانات الفصلية بسبب عجزهم عن الوفاء بالأقساط الجامعية المستحقة عليهم. يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد الناجم عن أحداث جامعة الأزهر، والذي أفضى لتدخل قوات الشرطة لفض الاعتصام الذي نفذه الطلبة المحرومون من تقديم الامتحانات داخل حرم الجامعة، بناءً على طلب إدارة الجامعة. ويناشد المركز الحكومة الفلسطينية إلى اتخاذ كافة التدابير الضرورية التي تكفل حماية حق هؤلاء الطلبة في استكمال فرصهم في التعليم العالي، وبما يحافظ على قدرة تلك المؤسسة في تقديم خدماتها التعليمية.
ووفقاً للمعلومات التي توفرت للمركز، فقد أعلنت إدارة جامعة الأزهر قرارها، بتاريخ 21/3/2018، القاضي بمنع أي طالب/ة من طلبة الجامعة من دخول قاعات الامتحانات قبل تسديد الرسوم المالية المستحقة للجامعة عليهم/ن. وفي المقابل رفض المئات من طلبة الجامعة هذا القرار بسبب عدم مقدرة أسرهم على تسديد تلك الرسوم بسبب تدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
وفي صباح يوم السبت، الموافق 24/3/2018، اعتصم المئات من الطلبة في داخل حرم الجامعة رفضاً للقرار، وأدى ذلك إلى حدوث العديد من المشاحنات والمشادات مع العاملين في الجامعة على إثر تبادل الاتهامات بين كل من الطلبة وبعض العاملين فيها، تدخل إثرها أمن الجامعة في محاولة لفض الاعتصام. ومع تطور الأحداث تدخلت قوات من الشرطة الفلسطينية، إثر استدعائها من إدارة الجامعة، وقامت بفض الاعتصام، وتعرض عدد من الطلبة للإصابة جراء الاعتداء عليهم بالهراوات، واعتقلت الشرطة عدداً من الطلبة والمصور الصحفي محمود زغبر، والذي يعمل في بوابة الهدف الإعلامية، بعد أن صادر منه رجل عرف عن نفسه بأنه من الأمن الداخلي، الكاميرا الفوتوغرافية وهاتفه النقال، وقد نقل الطلبة إلى مقر شرطة العباس في مدينة غزة، فيما نقل المصور الصحفي إلى مقر شرطة الجوازات، وقد جرى الإفراج عن الطلبة والمصور الصحفي في نفس اليوم.
وفي يوم الأحد، الموافق 25/3/2018، عاد المئات من الطلبة للاعتصام مجدداً في داخل حرم الجامعة في محاولة للضغط على إدارة الجامعة لإلغاء قرارها، ما أدى إلى تعطيل العديد من قاعات الامتحانات النصفية. وكانت إدارة الجامعة قد أعلنت على موقعها الالكتروني، بتاريخ 24/3/2018، أنها ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، قدمت وتقدم كافة التسهيلات لأبنائها الطلبة، ورغم تعاطيها الإيجابي مع الطلبة في ظل الظروف والتحديات، وأمام مسؤولياتها بالحفاظ على المسيرة التعليمية للجامعة واستقرارها كمؤسسة وطنية، إلا أن بعض الطلبة أقدموا صباح اليوم السبت الموافق 24/03/2018، على عرقلة سير الامتحانات المنعقدة في بعض الكليات والتشويش المتعمد على قاعات الامتحانات، وأكدت إدارة الجامعة على السماح للطلبة بدخول الامتحانات بتسديد الحد الادنى ( 50 % من الرسوم الدراسية المطلوبة )، واستمرار عقد الامتحانات حسب الجداول المعلن عنها دون تغيير، سيتم عقد امتحانات تعويضية للطلبة الذين لم يتمكنوا من دخول امتحاناتهم اليوم بسبب ما حدث من تشويش. ودعت إدارة الجامعة كافة الطلبة للتحلي بروح المسئولية وعدم الانجرار وراء أي عمل يعيق مسيرة الامتحانات وسير الدراسة. وقد جرى تعليق الامتحانات في جامعة الأزهر إلى موعد سيحدد لاحقاً من قبل إدارة الجامعة بسبب التطورات التي جرت.
وقد نفى د. مروان الأغا، نائب رئيس الجامعة، أن تكون الإدارة قد طلبت تدخل الشرطة، على خلفية الأحداث التي وقعت وعرقلت سير الامتحانات، وأوضح أن الشرطة لديها مكتب داخل الجامعة وعززت حضورها في ظل الاحتجاجات. غير أن قيادة الشرطة أصدرت بياناً رسمياً، قالت فيه أنها ترفض التدخل في حرم الجامعة، وقالت الشرطة في بيانها أن حماية أمن الجامعة هو من صلاحيات أمن الجامعة، وأن تدخلها قد جاء بناءً على طلب من إدارة الجامعة.
ويعاني قطاع غزة تدهوراً كارثياً ومتسارعاً في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكانه، حيث تمثل مستويات البطالة، والتي بلغت نحو 47% من القوى العاملة النسبة الأعلى على المستوى العاملي، وفقاً لتقديرات المنظمات الدولية، فيما تتفاقم هذه النسبة لتصل إلى نحو 60% في أوساط الشباب ونحو 85% بين الإناث. وتلقى تلك الأوضاع الصعبة تدهوراً خطيراً يفاقم من حدة الفقر وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي بين سكان القطاع لأسباب عديدة، أهمها الحصار غير القانوني واللاإنساني، والذي تفرضه السلطات الإسرائيلية المحتلة منذ أكثر من 11 عاماً، ويحرم سكان القطاع من حرية التنقل والحركة ويفرض قيوداً خانقة على حرية التجارة، وتراجع الدعم والتمويل الدولي للقطاع. غير تداعيات الانقسام السياسي الفلسطيني، وقرارات الحكومة الفلسطينية المتعاقبة، والتي أدت إلى فصل المئات من موظفيها، إحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكر و/أو فرض خصومات على الآلاف منهم، وبنسب تتجاوز الـ 60% من رواتبهم، قد أدت إلى حرمانهم من مصادر دخلهم، وهو ما أثر على مجمل الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، بما في ذلك عدم قدرات آلاف الطلبة على تسديد الرسوم الجامعية.
يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن خشيته من تفاقم التدهور الكارثي للأوضاع الإنسانية، وانعكاساته على مجمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسكان القطاع، ويدعو المركز الحكومة الفلسطينية إلى بذل المزيد من الجهود، بما في ذلك اتخاذ كافة التدابير الضرورية التي تمنع أن يكون الفقر عائقاً أمام حصول طلبة القطاع على حقهم في التعليم الجامعي، بما في ذلك استمرارهم في الدراسة الجامعية وتقديم الامتحانات، وذلك استجابة للالتزامات القانونية الناشئة عن انضمام فلسطين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العام 2014، بما في ذلك المادة 13 منه، والتي تكفل حق كل شخص في الالتحاق بالتعليم العالي الجامعي.