المرجع:26/2020
التاريخ: 28 مارس 2020
التوقيت 14:00 بتوقيت جرينتش
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الانسان بشدة الإجراءات العنصرية وغير الأخلاقية التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق العمال الفلسطينيين العاملين في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 (اسرائيل)، والمتمثلة بترحيل العمال المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، وإدخالهم إلى الضفة الغربية من خلال الحواجز، وفتحات جدار الضم (الفاصل) بين إسرائيل والضفة الغربية، من دون فحصهم وتقديم المساعدة الطبية لهم، ومن دون إبلاغ الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية، حتى يتسنى لها التعامل معهم حسب النظام الصحي المتبع، للحيلولة دون انتشار وباء فيروس كورونا المستجدCovid-19 في الضفة الغربية.
ووفقاً لمتابعات المركز، فقد قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، ومنذ ساعات صباح يوم الثلاثاء الموافق 24/3/2020، بترحيل آلاف العمال الفلسطينيين من العاملين داخل اسرائيل، إلى مدن الضفة الغربية من خلال الحواجز، وفتحات جدار الضم (الفاصل) بين إسرائيل والضفة الغربية. وقد تم ترحيل هؤلاء العمال من خلال “حاجز حزما” شمال شرق مدينة القدس المحتلة، حاجز “قبة رحيل” شمال غرب محافظة بيت لحم، “حاجز ترقوميا” شمال غرب محافظة الخليل، “معبر ميتار” جنوب محافظة الخليل، “حاجز بيت سيرا” غرب محافظة رام الله، “حاجز ارئيل” شمال محافظة سلفيت، “حاجز حواره” جنوب شرقي محافظة نابلس، و”حاجز جبارة” جنوب محافظة طولكرم، “حاجز برطعة” جنوب غربي محافظة جنين، و”حاجز الجلمة” شمال محافظة جنين.
وقد أفاد عدد من العمال لباحث المركز، أنهم دخلوا إلى أماكن عملهم داخل اسرائيل بعد تعهد أرباب العمل في اسرائيل بضمان توفير مساكن وأماكن عمل آمنة للعمال، وتعهدوا أيضاً بضمان إقامتهم لمدة شهرين، وعدم اعادتهم إلى منازلهم بسبب صعوبة الحركة الناجمة عن حالة الطوارئ. وأضاف العمال أنه بعد وصولهم لأماكن العمل تم وضعهم في أماكن غير لائقة وتفتقد لوسائل السلامة والصحة العامة، وقريبة من أماكن تفشي وباء كورونا داخل إسرائيل. وقد لوحظ ظهور حالات اعياء وارتفاع في درجات الحرارة لعدد العمال، والاشتباه بإصابتهم بفايروس كورونا. وعلى أثر ذلك قام أرباب العمل الإسرائيليين بإبلاغ سلطات الاحتلال الإسرائيلية، التي قامت بترحيلهم إلى مدن الضفة الغربية
وقد أعلن إبراهيم ملحم، الناطق باسم الحكومة الفلسطينية في تصريح بتاريخ 26/3/2020 عن إصابة 16 شخصاً من قرية بدو، شمال غرب مدينة القدس بفيروس كورونا (من ضمنهم مسنة توفيت وتبين اصابتها بفايروس كورونا)، مشيراً إلى أن تفشي العدوى في هذه القرية تم عن طريق عمال عائدين من إسرائيل مصابين بفيروس كورونا، من بينهم ابن المسنة المتوفاة، الذي يعمل في إسرائيل ويبلغ “37 عاماً”، وعمه البالغ من العمر”57 عاماً”. وفي بيت لحم أصيب سيدة بفيروس كورونا، ويُعتقد أن العدوى نقلت إليها من ابنها العامل في مستوطنة أفرات. وأكد ملحم أن فلسطين دخلت مرحلة تلامس مربع الخطر، فيما يتعلق بانتشار فيروس (كورونا)، مطالباً العمال بالحذر الشديد، وقال لهم: “رأفة بكم، توخوا أقصى درجات الحذر، فثغرة الخطر هي العمال، ومحاصرة الفيروس متاحة بالحجر المنزلي”.
وسُجل مساء أمس الجمعة 27/3/2020، 5 إصابات جديدة في قرية بدو، وإصابتان جديدتان في قرية ارطاس، جنوب بيت لحم، وبذلك يرتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 91 حالة في فلسطين، تعافى منهم 17 مواطناً، بينما سجلت حالة وفاة وحيدة.
وفي ضوء ما سبق، فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:
المركز يطالب الحكومة الفلسطينية بإيجاد آليات لحماية الفقراء ودعم محدودي الدخل في ظل حالة الطوارئ السارية في قطاع غزة
يتابع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، في ظل حالة الطوارئ السارية على القطاع للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد Covid-19 فيه. ويحذر المركز من تدهور كارثي في الأوضاع المعيشية والحياتية لسكان قطاع غزة في حال استمرت حالة الطوارئ لفترة طويلة. ويطالب المركز الحكومة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها القانونية والبحث عن آليات لحماية الفقراء والعاطلين عن العمل وعمال المياومة، ودعم محدودي الدخل الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب حالة الطوارئ.
ويعاني سكان قطاع غزة، قبل سريان حالة الطوارئ من تدهور في الأوضاع المعيشية والحياتية، حيث تسببت سياسات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 13 عاماً، والقيود المفروضة بموجبها على تنقل وحركة الأفراد والبضائع، وحظر تصدير منتجات القطاع، واستهداف القطاعات الصناعية والإنتاجية، وتدمير نحو 70% منها، خلال الأعمال الحربية الإسرائيلية على القطاع، في ارتفاع نسبة البطالة وانتشار الفقر بين السكان.
وقد راكمت جملة الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية في ظل حالة الانقسام الداخلي من أزمات القطاع، حيث أقدمت في شهر أبريل 2017، وما بعده، على اتخاذ مجموعة من الإجراءات بحق موظفي القطاع الحكومي المقيمين في قطاع غزة، والتي طالت قطع رواتب مئات الموظفين على خلفيات سياسية، ضمنهم ذوي الشهداء والأسرى والجرحى، وخصومات على رواتب عموم الموظفين، وتطبيق نظام التقاعد الإجباري والمالي، وكلها إجراءات تتعارض مع القانون الأساسي المعدل للسلطة الفلسطينية للعام 2003، ولقانوني الخدمة المدنية وقانون الخدمة في قوى الأمن الوطني لعام 2005، وتعديلاتهما.
وقد تسبب كل ما سبق في رفع معدلات البطالة في قطاع غزة إلى ما نسبته 45%، وبواقع 217.100 عاطلين عن العمل. كما تسببت هذه السياسات في انتشار الفقر بين سكان القطاع، حيث وصلت إلى ما نسبته 53 % بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وصُنّف أكثر من 67% من سكان القطاع غير آمنين غذائيًا وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأمر الذي يُمثّل كارثة بكل المقاييس.
وقد فاقمت حالة الطوارئ السارية في قطاع غزة منذ منتصف شهر مارس الجاري في تعميق الأزمات الإنسانية والمعيشية لسكان القطاع غزة، حيث بات، بالإضافة إلى الفقراء ومحدودي الدخل، آلاف العمال الذين يكتسبون قوت يومهم من الأعمال اليومية، المرتبطة بالمؤسسات والمنشآت التي أُغلقت بسبب حالة الطوارئ (المدارس والجامعات ورياض الأطفال، المؤسسات الأهلية، منظمات المجتمع المدني، المعابر، صالات الأفراح، المقاهي، والأسواق الشعبية الأسبوعية)، من دون مصدر دخل يؤمن لهم الحدود الدنيا من احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم الأساسية.
ورافق ذلك، إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، مساء الأحد 22/3/2020، تعليق توزيع المساعدات التموينيّة لنحو مليون و170 ألف لاجئ في قطاع غزة بشكلٍ مؤقّت، وذلك لحين إيجاد طريقة أكثر أمنًا لتقديم المساعدات، وأشارت الوكالة أن هذا الإجراء وقائي، وأُتخذ للحفاظ على سلامة الموظفين والمستفيدين قدر الإمكان.
إن حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها في قطاع غزة، وخاصة إجراءات الحجر الصحي، هي ضرورة واجبة من أجل سلامة المجتمع، وتحتم المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الحساسة على المواطنين الالتزام بها. لكن في المقابل، يقع على الحكومة الفلسطينية واجب ضمان الظروف المعيشية والإنسانية اللائقة للمواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب حالة الطوارئ، وأصبحوا يفتقدون لأدنى مقومات العيش بكرامة.
إنَّ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وفي ضوء الخشية من تدهور الأوضاع المعيشية والحياتية لسكان قطاع غزة، وخاصة فئات الفقراء ومحدودي الدخل وعمال المياومة، في حال استمرت حالة الطوارئ لفترة طويلة، فإنه: