المرجع: 16/2022
التاريخ: 16 فبراير 2022
التوقيت: 09:40 بتوقيت جرينتش
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس، مدنيًّا فلسطينيًّا، في جريمة جديدة من جرائم الاستخدام المفرط للقوة، في رام الله وسط الضفة الغربية، خلال قمع تظاهرة سلمية منددة بانتهاكات الاحتلال.
يشير المركز إلى تصاعد جرائم القتل التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يعكس الاستخدام المفرط للقوة في ظروف لا ينشأ فيها أي تهديد لحياة أفراد تلك القوات، والتساهل في معايير إطلاق النار ضد المدنيين. ومنذ بداية العام، قتلت تلك القوات 7 مواطنين فلسطينيين، أحدهم طفل، وأصابت عشرات آخرين، منهم نساء وأطفال، في الضفة الغربية.
واستناداً لتحقيقات المركز، وإفادات شهود العيان، ففي حوالي الساعة 2:30 بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 15/2/2022، نظّم عشرات المواطنين الفلسطينيون مسيرة سلمية على المدخل الرئيس لقرية النبي صالح، شمال غربي مدينة رام الله، للتنديد بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي أدت في الأيام الماضية لمقتل 4 مواطنين، أحدهم طفل، وإصابة آخرين في نابلس وجنين، إلى جانب اعتداءات المستوطنين والاحتلال في حي الشيخ جراح بمدينة القدس الشرقية المحتلة. رشق عدد من الفتية والشبّان جنود الاحتلال المتمركزين هناك بالحجارة والزجاجات الفارغة. على الفور، شرع جنود الاحتلال بإطلاق الأعيرة النارية والأعيرة المعدنية المغلفة بطبقة رقيقة من المطاط، تجاههم. وفي حوالي الساعة 3:00 عصراً، ومع استمرار مواجهات عنيفة بين المواطنين وجنود الاحتلال، وانتشار راشقي الحجارة في مناطق متفرقة في المنطقة، اقترب المواطن نهاد أمين العيس البرغوثي، 19عاماً، سكان قرية كفرعين المجاورة، مسافة 30 متراً قرب سلسلة حجرية تقع في الأرض المحاطة بالسياج ويتواجد فيها جنود الاحتلال ورشق الحجارة صوبهم. أطلق أحد جنود الاحتلال النار تجاهه، وأصابه بعيار ناري اخترق خاصرته. وركض المصاب نهاد مسافة لا تزيد عن خمسة أمتار قبل أن يسقط أرضًا، ليجري نقله من المواطنين إلى سيارة إسعاف قريبة نقلته إلى المستشفى الاستشاري العربي داخل مدينة رام الله، وهناك أعلن الأطباء عن وفاته، بعد إجراء عمليه جراحية عاجلة له، وعدة محاولات لإنعاش قلبه.
وأفاد شاهد عيان لباحثة المركز بما يلي:
“خلال مشاركتي مع صديقي نهاد البرغوثي، مع مئات آخرين في المسيرة السلمية، وصلنا مدخل قرية النبي صالح الرئيسي، حيث تضع قوات الاحتلال الإسرائيلي بوابة حديدية إضافة إلى برج مراقبة عسكري، وعلى بعد نحو مائة متر منهما كانت تتواجد قوة من جنود الاحتلال وحرس الحدود الإسرائيلي عددها حوالي 20-25 جندياً وعنصر حرس حدود. تقدم الجنود ناحيتنا كي يفرقونا، وصعدت مجموعة من جنود الاحتلال على تلة صخرية قريبة وأحاطت بالمسيرة. وشرع الجنود بإلقاء قنابل الصوت والرصاص الحي والمطاطي تجاهنا، فتفرقت المسيرة. وصعدت مجموعة من الشبان يتراوح عددها من 20 -30 شابًّا، نحو التلة نفسها التي صعد عليها جنود الاحتلال لكن من الناحية الأخرى. واندلعت مواجهات من مسافة 100 متر بين الجانبين، وكان الشبان يضربون الحجارة بالمقاليع، والجنود يطلقون الأعيرة النارية. وكان عنصر من قوات الاحتلال منبطحًا على الأرض في وضعية قنص، خلف حائط في مبنى قديم يقع وسط أرض مسيجة، بينما كنا، أنا وعدد من الشبان ومعنا نهاد، نتواجد في منطقة وسط التلة على بعد 70 مترًا تقريبًا من المبنى القديم، حيث عنصر الاحتلال القناص، وكان حوله عدد
من الجنود يطلقون النار أيضًا بكثافة، لدرجة أن الشبان بقوا يختبئون خلف سلسلة حجارة لبناء قديم وبيوت مهجرة قديمة. بعدها رأيت نهاد يتوجه نحو سلسلة حجرية عليها سياج من الحديد تحيط بالأرض التي تتواجد بها قوات الاحتلال. ورأيت نهاد يقف أمام السلسلة الحجرية ويلقي الحجارة تجاه تمركز جنود الاحتلال داخل الأرض، وكان الجندي المنبطح على الأرض في وضعية القنص يطلق تجاهه الرصاص محاولا إصابته، ثم رأيت نهاد يضع يده على خاصرته ويركض أقل من خمسة أمتار ويقع أرضًا. تقدمت نحوه مع مجموعة من الشبان، وكان حينها سقط أرضًا على ظهره، وفجأة توقف إطلاق النار، وصرخ الشبان ينادون لإحضار سيارة إسعاف، وعندما رفع أحد الشبان البلوزة عن جسد نهاد، شاهدت أن الإصابة في خاصرته، وكانت عبارة عن ثقب صغير كرأس السيجارة، وكان حولها بقعة دم صغيرة جدًا، ووجهه لونه مصفر، وعيناه مفتوحتان، وجسده مرتخيا، فحملته أنا والشبان نحو سيارة إسعاف بعيدة نحو 150 مترًا عن المكان، نقلته إلى المستشفى الاستشاري العربي مدينة رام الله.
يكرر المركز دعوته المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، وضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.