التقرير الثالث حول الانتهاكات الإسرائيلية ضد الطواقم الطبية الفلسطيني 1 أيلول/سبتمبر 2002 وحتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2004
يشكل هذا التقرير عملية رصد ومتابعة وتوثيق للانتهاكات التي نفذتها، وما تزال، قوات الاحتلال الحربي الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضد الطواقم الطبية العاملة في ميدان تقديم الخدمات الطبية والاسعافات اللازمة للجرحى والضحايا، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الطبية والعلاجات للسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة على امتداد مدنها ومخيماتها وقراها، وخاصة للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والعجزة وكبار السن والمعاقين.
ويستعرض هذا التقرير فضحاً لجرائم الحرب، بموجب اتفاقية حنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949 والبروتوكولين الاضافيين إلى اتفاقيات جنيف، الصادرين في العام 1977، التي اقترفتها قوات الاحتلال الحربي الاسرائيلي ضد فرق العمل الطبية وطواقم العمل الإنساني. هذه الجرائم التي أثرت على تقديم خدمات الاستشفاء والرعاية الصحية اللازمة من أجل تمتع الفلسطينيين بأفضل مستوى من الرعاية الصحية يمكن الوصول إليه، وفق ما ينص عليه القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني وانتهكت حقوقهم الصحية. ويغطي هذا التقرير الفترة الزمنية من 1 أيلول/سبتمبر 2002 وحتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2004.[1]
وقد شهدت الفترة التي يغطيها التقرير استمرار قوات الاحتلال الحربي الاسرائيلي في تنفيذ الانتهاكات الجسيمة والخطرة ضد أفراد المهمات الطبية وطواقم الإسعاف العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبشكل يؤكد استهداف هذه الفرق العاملة في ميدان الخدمات الإنسانية، وتقديم خدمات إجلاء ونقل الجرحى والمرضى من السكان المدنيين الفلسطينيين. إن حجم الانتهاكات الجسيمة والخطرة ضد الأطباء والمسعفين والمنشآت الطبية الفلسطينية المختلفة قد أفرز واقعاً إنسانياً خطيراً، تمثل بمنع المرور الآمن لطواقم الخدمات الطبية والانسانية، ومن الوصول للمحتاجين من الجرحى والمرضى لتقديم الخدمات العلاجية اللازمة لهم، وهو ما شكل جرائم خطرة أضيفت إلى سجل جرائم القوات المحتلة المستمرة ضد السكان الفلسطينيين المدنيين، المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.[2] إن تلك الجرائم الخطيرة لم تقتصر على عمليات القتل العمد والقتل خارج نطاق القانون فقط، بل شملت تنفيذ القوات المحتلة عمليات حربية واسعة النطاق أيضاً، استهدفت تدمير الممتلكات والأعيان المدنية، من المنشآت الصناعية والأراضي الزراعية والمنازل السكنية والبنية التحتية لشبكات الطرق والكهرباء والهاتف والمياه والصرف الصحي، ووصلت إلى حد محاربة السكان الفلسطينيين المدنيين في وسائل عيشهم ورزقهم الخاصة.
إن الارتفاع الملحوظ في حجم النشاطات الحربية التي استهدفت أعضاء هذه الطواقم يتماشى والاستنتاجات التي وردت أعلاه، حيث لم تتوقف عمليات استهداف وقتل رجال المهمات الطبية، بل سقط خلال الفترة التي يغطيها التقرير أربعة شهداء من الأطباء والممرضين والمسعفين وسائقي سيارات الاسعاف. وبذلك ارتفع عدد الشهداء من رجال المهمات الطبية، منذ بدء الانتفاضة، إلى تسعة عشر شهيداً قضوا بينما كانوا يحاولون تقديم خدمات الاسعاف والعلاج للمحتاجين من المرضى والجرحى.[3] فيما أصيب قرابة المائتين منهم أثناء تأديتهم واجبهم الانساني، ليرتفع عدد الجرحى والمصابين في صفوف الطواقم الطبية، منذ بدء الانتفاضة وحتى الفترة التي يغطيها التقرير، إلى حوالي 450 شخصاً.
وتعرضت 38 سيارة إسعاف لعملية تدمير كامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بدء الانتفاضة، فيما تعرضت أكثر من 132 عربة ووسيلة نقل طبية، بما فيها الاسعافات ووسائط نقل الأدوية والعاملين في القطاع الصحي إلى أضرار جسيمة جراء تعرضها لعمليات إطلاق النيران وشظايا القذائف الصاروخية. كما تعرضت العديد من المستشفيات الميدانية والثابتة والعيادات والمستوصفات الطبية لعمليات التدمير والتخريب والأضرار الجسيمة، فيما لا تزال العديد من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية تعاني أوضاعاً صحية خطيرة بسبب منع وصول الامدادات الطبية اللازمة للسكان المدنيين، سواءً للجرحى أو للمرضى. وتسبب الحصار الشامل المفروض على الأراضي الفلسطينية المحتلة في وفاة 68 فلسطيني وفلسطينية، حرموا من تلقي الرعاية الصحية اللازمة عندما كانوا في أمس الحاجة لها.
ومنذ بدء الانتفاضة، في التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2000 وحتى نهاية الفترة التي يتناولها التقرير، سقط على أيدي قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي 3214 شخصاً، بينهم 618 طفلاً، فيما أصيب ما يزيد عن أربعين ألف فلسطيني آخر بإصابات وجروح مختلفة، ونتج عنها مئات الحالات التي أصبحت تعاني من إعاقات دائمة. وقد تلقى معظم الشهداء والجرحى والمصابين خدمات الاسعاف والطوارئ على أيدي رجال المهمات الطبية، وبشكل عاجل سواء في سيارات الاسعاف أو في المستشفيات الميدانية التي أقيمت في العديد من مناطق الأحداث، نظراً لبعد العيادات والمستشفيات النسبي عن هذه المناطق. إن ضخامة الأرقام المشار إليها، حول عدد الشهداء والجرحى، تشير وبشكل لا يدع مجالاً للشك أن هذه الطواقم قد تحملت مسؤوليات ضخمة تفوق إمكانياتها الفعلية من حيث عدد سيارات الاسعاف التي تتوفر لديها والمعدات والأجهزة الطبية اللازمة ل